تخيل أنك تنتهي من كتابة نسخة كتابك الأول، وتمتلئ بالحماس، وترسل النسخة إلى شركة النشر فيرفضونها، وتحاول مع ناشر آخر ويرفضها، وتحاول مع ناشر آخر ويرفضها، وتتواصل مع 12 ناشرًا مختلفًا، وكلهم يرفضون نشر كتابك، فهل تعتبر أن هذه علامة على أنك لست مقدرًا لك أن تصبح مؤلفًا، أو ربما لست جيدًا كما كنت تعتقد؟
نعم، وسيقول الكثير من الناس نعم، لأن كل رسالة رفض من ناشر هي بمثابة فشل آخر، وهذا ما حصل مع الكاتبة جي كي رولينج في 12 محاولة فاشلة للعثور على ناشر لقراءة وقبول نسخة من كتاب "هاري بوتر"، ولكن أصبح لديها حاليا سلسلة رواية هاري بوتر، وتهي تعتبر أول مؤلفة مليارديرة.
الرسالة هي "أن الفشل جزء لا مفر منه في طريق النجاح".
كما قالت جي كي رولينج، "من المستحيل أن تعيش بدون الفشل في شيء ما"، ولن تستطيع أن تعيش بحذر شديد لدرجة التوقف، وفي هذه الحالة تفشل افتراضيًا، ولكن الحقيقة تظل أن العديد من الناس لديهم خوف من الفشل بشكل غير عقلاني يصل الى درجة رهاب الفشل، وغالبًا ما تكون نتيجة لتجارب الحياة التي تكون بسبب فكرة متجذرة مفادها أن أسوأ شيء يمكنك فعله هو الفشل، والفشل هو نهاية الحياة. بالرغم أن بعض الأسباب الأكثر شيوعًا لخوفك من الفشل، هو أن الخوف يحاول حمايتك والحفاظ على سلامتك، ولكن إذا لم تعالج الأمر فسوف تدمر علاقاتك وتقدمك الوظيفي وسعادتك أيضا.
بالحديث عن المخاطر لأنها قد تكون السبب وراء تثبيط العديد من الأشخاص، بسبب عدم اليقين حول النتيجة، ولا توجد طريقة لمعرفة ما إذا كنت ستنجح أم لا، لذا هناك خطر الفشل، ولكن الواقع أولئك الذين يخاطرون هم الأكثر نجاحًا، إنها في الواقع مهارة عمل بالغة الأهمية، ونجد عدم اليقين مرهقًا، ولهذا السبب نريد في الواقع تجنبه، نحن مبرمجون بهذه الطريقة، من أجل حماية أنفسنا للحفاظ على سلامتنا من التهديد من الفشل، وبالرغم من أن هناك فرصة للنجاح، إلا إنه يبقي العديد من الأشخاص عالقين راكدين مشلولين.
أحد الأسباب الرئيسية وراء الخوف من الفشل، هو بسبب المشاعر السلبية التي ربطناها بالفشل، والألم العاطفي الذي نعتقد أننا سنختبره، وغالبًا ما يكون بسبب الطريقة التي نعتقد أن الآخرين سينظرون إلينا بها، وتقييماتهم السلبية لنا وأحكامهم، لذا نحن نتحمل هذا الأمر على أنفسنا ونحاول تجنبه، الأمر أشبه بتجربة العار، والإذلال لمجرد التفكير في الفشل، وهنا تكمن المشكلة، يمكن أن يكون الحكم الاجتماعي سبب قويًا يُنظر إليه على أنه شكل من أشكال الرفض الاجتماعي.
عندما نتحدث عن الألم العاطفي، ومن أين جاء خوفك من الفشل؟، من المرجح أن يكون نتيجة للتجارب الأولى التي مررت بها في السنوات السبع الأولى من حياتك، عندما كنت صغيرا مع بداية تشكل إحساسك بذاتك وبناء العلاقات التي كانت لديك مع والديك، حيث كان الفشل مرتبطا في محاولات أثبات جدارتك لهم بشكل غير متسق، أو يحجبان الحب ما لم تصل إلى مستوى معين من الأداء، فإنك تستوعب وجهة النظر القائلة بأنك جيد فقط بقدر أدائك وما تقدمه، وقد تكون هنا البداية مع تطور خوفًا عميق الجذور من الفشل، وله تأثير مباشر على شعورك بقيمتك الذاتية، وإذا كنت من محبي الكمال، فستتعلق بهذا بالتأكيد لأن الكمال والخوف من الفشل مرتبطان ارتباطًا وثيقًا.
أولاً، عليك أن تتعلم كيف تعتاد على الفشل، وتعتبره جزء من الحياة، لأنه لن يتم تحقيق نجاح كبير أبدًا بدون فشل، هكذا تطورنا كبشر هكذا نكتشف أشياء جديدة في التطور البشري، وفي العلوم، والتكنولوجيا لأنه حضارتنا مبنية على الفشل والتعلم، والأهم من ذلك ما تم نتعلمه من الفشل يتلخص في شيء يسمى التقييم المعرفي، وهو كيف تقيم أو تفسر الموقف كتهديد أو كفرصة.
والسبب الحقيقي وراء المماطلة ليس لأننا كسالى أو أننا نفتقر الى الانضباط، إنما في الواقع لأننا نتجنب المشاعر السلبية التي ربطناها بالألم المحتمل والعار والذنب، لذا خذ وقتًا لتصبح على دراية بصوتك الداخلي وما تقوله لنفسك، اسأل نفسك ما الذي أتجنبه ما المشاعر التي أحاول الهروب منها؟ ثم اسأل هل أحتاج إلى الحماية هنا؟ كيف يمكنني رؤية هذا كفرصة للنمو؟ ثم اتخذ خطوات صغيرة في الاتجاه الصحيح، وهذا يساعدنا على إزالة حساسية أنفسنا تجاه الخوف من الفشل.
يعتمد العلاج السلوكي المعرفي على أن تزيد من التعرض تدريجيًا للشيء الذي تخشاه فإن دماغك ونظامك العصبي يقللان من حساسيتهما، وفي النهاية تتغلب على الخوف، وهناك العديد من الأشخاص إذا فشلوا في شيء ما فإنهم يعزون الفشل داخليًا ويلومون أنفسهم، وهذا مرتبط بوجود ناقد داخلي قوي يسمحون له بالتعزيز الاعتقاد بأنهم فاشلون بطريقة ما أنهم ناقصون أنهم ليسوا كفؤ، فنبالغ في التهويل.
وكما أقول دائمًا، فإن الأفكار ليست حقائق، ومع ذلك نعاملها كما لو كانت كذلك، لذا نحتاج إلى الاعتراف، بأن هذا الخوف غالبًا ما يتم إنشاؤه في أذهاننا من خلال أفكارنا، فنحن نخشى ما لا نعرفه، ثم نسمح له بتجريدنا من ثقتنا ويمنعنا من اتخاذ إجراءات يمكن أن تساعدنا بالفعل على النجاح، وجزء مهم حقًا هنا هو التعاطف مع الذات والاعتراف بأننا لسنا مثاليين، وهذا في الواقع يمنحنا الإذن للقيام بأشياء مع فتح أذرعنا لاحتمالية عدم نجاح الأمور، ولا بأس إذا لم تنجح، ولكن ماذا تعلمت من ذلك؟
كمثال عندما تريد الحصول على جسم مثالي ما هي أحد الأشياء التي تقوم بها بشكل جيد، هو الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية أو تتمرن بالطريقة الصحيحة بنفس الطريقة، إذا كنت تريد العمل على التغلب على الخوف من الفشل، فمن الفعّال حقًا أن تقوي عضلة المخاطرة، وتضع نفسك في موقف حيث يوجد عدم يقين، إنه مشابه لبعض الاستراتيجيات لمساعدتك على التغلب على الكمال، ربما حاول الذهاب في نزهة بدون خريطة أو قل نعم لشيء ما قبل أن تشعر بالاستعداد الآن بالطبع هذا لا يعني المخاطرة المتهورة لمجرد أنك تريد التغلب على خوفك من الفشل، لكنني أنصحك بالقيام بما أسميه المخاطر المستنيرة، هذه هي المخاطر التي فكرت فيها والتي مستوحاة من رؤية أكبر لديك لنفسك وهدفك الأعلى.
في النهاية يمكن أن تقربك هذه المخاطر من المكان الذي تريد الذهاب إليه، لذا حتى لو لم تنجح، فقد تعلمت شيئًا جديدًا، اكتسبت مهارة جديدة أو عرفت ما لا يجب عليك فعله في المرة القادمة، عندما ترى كل فشل من إخفاقاتك كدرس عملاق متنكر، فهذا الشيء سيسمح لك بالعثور على القوة والسلطة من خلاله، لذا آمل أن تساعدك هذه الحركة في تغيير عقليتك عندما يتعلق الأمر باحتضان الفشل، فالكثير من الخوف الذي تشعر به يرجع إلى ما تقوله لنفسك عن نفسك، مما يعني أنه يمكنك أيضًا تغيير لغة السرد والوساوس، ثم تتخذ خطوات واثقة للنجاح ومصحوبا في الشعور بالفخر.
فجميعنا نخطئ.
Comments