كان واضحاَ من الأشهر الأولى من عام 2022 أن معدلات التضخم ستتخطى توقعات المحللين الاقتصاديين، في أنها سوف تلامس نسبة 2.0%، بالرغم أن حيث سجل مؤشر أسعار المستهلك بين مارس 2021 ومارس 2022 ارتفاعًا بنسبة 8.5% في الولايات المتحدة، ليصل إلى أعلى مستوياته منذ 40 عامًا، وبنسبة 7.5% في منطقة اليورو.
كما شهدت 60% من الاقتصادات المتقدمة ارتفاع التضخم على أساس سنوي بنسبة تجاوزت 5.1%، وكذلك أدت الحرب الروسية الأوكرانية الى اضطرابات في أسواق الطاقة والزراعة والمعادن، وارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات أعلى وزيادة فترته بالمقارنة مع الفترات السابقة.
التضخم الاقتصادي هو زيادة مستمرة في مستوى الأسعار العامة للسلع والخدمات، وهو يؤثر على إدارة المشاريع بطرق مختلفة، منها:
يزيد من تكلفة المواد والمعدات والأجور، وبالتالي يقلل من الربحية والجودة والكفاءة.
يخلق حالة من عدم اليقين والمخاطرة في التخطيط والتنفيذ والتقييم، وبالتالي يصعب تحديد المواعيد والموارد والمعايير.
يؤدي إلى تغير قيمة العملة وسعر الصرف، وبالتالي يؤثر على التجارة والتنافسية.
كيف يمكن لمدراء المشاريع توجيه فرقهم وموظفيهم في شركاتهم والجهات المعنية الأوسع خلال هذه الفترة؟
بدايةً، يجب الانتباه إلى أن تركيز مدير المشروع لا يجب أن يكون محصورًا بتداعيات التضخم على ربحية الشركات، إذ تفرض البيئة الحالية، التي تتسم بعدم اليقين ووجود طيف أكبر بكثير من الجهات المعنية، على أصحاب الشركات التفكير بالأداء وفق نطاق أوسع.
وتُعتبر القرارات السريعة التي تحتَّم على مدراء المشاريع اتخاذها حول عملياتهم بسبب أخبار التضخم والحروب الاقتصادية، هي من الاعتبارات الموسّعة. وهنا يتوجب على مدراء المشاريع قيادة مشاريعهم آخذين بعين الاعتبار دورة أعمالها الكاملة وجميع الجهات المعنية. وكما هو الحال بالنسبة لكثير من الشركات، يحتاج أصحابها إلى اعتماد منهجية واضحة لإدارة التضخم، والتي يمكنهم البدء بإعدادها من خلال طرح الأسئلة التالية على أنفسهم:
أين سيجد العملاء القيمة في ظل هذه البيئة الجديدة؟
كيف يمكننا تصميم منتجات وخدمات وتجارب توفر هذه القيمة؟
ما هي أسرع طريقة لضمان استقرار سلاسل التوريد المرهقة أو المعطلة، وإعادة تصميمها؟
ما هي القدرات المطلوبة لتعزيز مرونة الشركة والقدرة على التحكم بالتكاليف؟
ما هي التوجيهات الواجب إعطاؤها لمساعدة مسؤولي المشتريات على تحقيق القيمة؟
كيف تؤثر منظومة التوظيف الجديدة على الأجور والاستحقاقات والمعايير الخاصة بأماكن العمل؟
كيف يمكن استقطاب الموظفين والمحافظة عليهم في ضوء التغيرات التي تشهدها سوق العمل؟
كيف ينبغي إعادة تسعير المنتجات والخدمات في ظل التضخم السائد؟
كيف يمكن تأسيس فلسفة واستراتيجية شاملة لعلاقات العملاء لدى الشركة؟
كيف يمكن تحديد الأولويات وتنظيمها بهدف توجيه جميع هذه الأنشطة؟
التضخم يمكن أن يؤثر على المشاريع بطرق مختلفة، بعضها سلبي وبعضها إيجابي:
التأثير السلبي: يمكن أن يؤدي التضخم إلى انخفاض القوة الشرائية للمستهلكين والعملاء، وبالتالي إلى انخفاض الطلب على المنتجات أو الخدمات. كما يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والتشغيل، مثل الأجور والمواد الخام والوقود. وهذا يقلل من هامش الربح والقدرة التنافسية للمشاريع.
التأثير الإيجابي: يمكن أن يؤدي التضخم إلى زيادة الإيرادات والأصول للمشاريع التي تتعامل مع السلع أو الخدمات المطلوبة أو المحدودة. كما يمكن أن يؤدي إلى تحسين فرص الاستثمار والتوسع، خاصة إذا كان التضخم متوقعًا ومستقرًا.
ولأن أفضل الممارسات في إدارة المشاريع التي تساعد على تخطيط وتنفيذ المشاريع بشكل فعال تكون بهذه الطريقة:
تحديد الأهداف والنطاق للمشروع بشكل واضح وقابل للقياس.
تحديد المخرجات والمعايير المطلوبة لتسليم المشروع.
تخطيط المشروع بشكل مفصل وواقعي، مع تحديد الموارد، والمهام، والجدول الزمني، والمخاطر.
التخطيط لإدارة اتصالات المشروع مع جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك الفريق والعميل والإدارة.
متابعة المشروع بانتظام، ورصد تقدمه، وجودته، وميزانيته.
إدارة التغيير بشكل منهجي وشفاف، مع الحفاظ على التواصل والتوافق مع أصحاب المصلحة
تقييم أداء المشروع وإجراء دراسات ما بعد التنفيذ لاستخلاص الدروس المستفادة.
فيجب التعرف على بعض الطرق التي يمكن للمشاريع استخدامها للتغلب على التضخم هي:
اتباع سياسة نقدية انكماشية تقلل من المعروض النقدي وترفع أسعار الفائدة، مما يقلل من الإنفاق والطلب.
إدارة برامج التضخم من خلال مكتب يعتمد منهجية استباقية وراسخة، تركز على تحديد وتحليل والتصدي للمخاطر والفرص المتعلقة بالتضخم.
تطوير وتنفيذ نظام موحد لتوثيق وتخصيص الموارد، وتحسين تنبؤات الموارد خلال مرحلة التخطيط، والاستفادة من الموارد غير المستغلة.
زيادة الإنتاج والابتكار والجودة، والبحث عن سوق جديدة أو مجال جديد للمشروع.
تحديد مواعيد التسليم والجودة في عقود المشروع يعتمد على عدة عوامل، مثل:
نوع العقد (ثابت أو مرن أو مختلط) وشروطه ومتطلباته.
نطاق ومخرجات، ومعايير المشروع، وكيفية قياسها، وتقييمها.
الجدول الزمني للمشروع والمهام والأنشطة والمعالم الرئيسية المرتبطة به.
الموارد والتكاليف والمخاطر المتوقعة للمشروع.
آلية الفوترة، والدفع، والحوافز، والجزاءات.
يجب على مدير المشروع التفاوض مع العميل على هذه العوامل بشكل واضح وشفاف، وكتابتها في العقد بشكل دقيق ومفصل، والحفاظ على التواصل المستمر مع العميل لإبلاغه بتقدم المشروع وأي تغييرات قد تحدث. وإنشاء عقد مشروع يتطلب اتباع خطوات محددة، مثل:
تحديد نوع العقد (ثابت أو مرن أو مختلط) والعملة والمصدر المالي.
تحديد الخدمات والمنتجات المقدمة للعميل وقائمة الأسعار المطبقة.
تحديد آلية الفوترة، والدفع، والحوافز، والجزاءات.
تحديد الشروط والأحكام القانونية والتعاقدية.
مراجعة وموافقة العقد من قبل الطرفين.
هناك العديد من الأخطاء التي يجب تفاديها عند إعداد عقود المشاريع، مثل:
التخطيط السيئ أو غير الكافي للمشروع والموارد والمخاطر.
عدم تحديد الأهداف والمسؤوليات والتوقعات بوضوح.
عدم مراعاة الشروط القانونية والتعاقدية والتأمينية.
عدم مراجعة أو تحديث أو تغيير العقد عند حدوث تغييرات في المشروع.
عدم التواصل أو التنسيق بشكل جيد مع العميل أو الشركاء أو الموردين.
تقدير التكاليف في عقود المشروع، هي عملية توقع النفقات المستقبلية للمشروع وتحديد الميزانية التقديرية له، وتتطلب هذه العملية بيانات دقيقة ومخططات تفصيلية لإدارة المشروع، وبالخطوات التالية:
تحديد نطاق ومدى وأهداف المشروع.
تحليل الموارد والمخاطر والجودة المطلوبة.
استخدام أساليب وأدوات مختلفة لحساب التكاليف، مثل التكاليف التاريخية، أو التناظرية، أو الهندسية، أو الإحصائية.
مراجعة وتحديث التكاليف بشكل دوري ومراقبة الانحرافات عن الميزانية.
ومع ذلك هناك بعض الطرق التي يمكن لمدراء المشاريع اتباعها للتغلب على التضخم هي:
مراقبة السوق والتوقعات والمؤشرات الاقتصادية بانتظام، وتحديث الميزانية والجدول الزمني والمواصفات وفقًا لذلك.
استخدام آليات التعديل والتحويل في العقود مع الموردين والمقاولين والعملاء، للحفاظ على التوازن بين الأطراف.
تطبيق استراتيجيات التسعير الديناميكي والمرونة في تحديد الأسعار، للاستفادة من الفرص والتخفيف من المخاطر.
تحسين كفاءة العمليات والموارد، وتقليل الهدر والتأخير، وزيادة الجودة والابتكار.
تنويع مصادر التمويل والإيرادات، وتحويل جزء من الأصول إلى عملات أجنبية أو سلع أو أوراق مالية.
ومن العمليات الاستباقية، التي تمكن لمديري المشاريع تحديد مستوى التضخم في مشاريعهم الخاصة باتباع بعض الخطوات:
اختيار سلة من السلع والخدمات التي تمثل المشروع وتحديد أسعارها في وقت معين.
احتساب مؤشر أسعار المستهلك (cpi) لهذه السلة بجمع أسعار كل السلع والخدمات وقسمتها على عددها.
تكرار الخطوتين السابقتين في وقت لاحق ومقارنة مؤشر أسعار المستهلك في كلا الوقتين.
استخدام الصيغة التالية لحساب معدل التضخم: cpi الحالي – cpi السابق ÷ cpi الحالي × 100.
مع تمنياتي لكم بالتوفيق
Comments