أغلب الشركات الصغير أو المتوسطة أو حتى الكبيرة منها، لديهم ثقافة أن أكبر تهديد للشركة هو "المنافسين"، لأنهم سوف يسابقونا على المبيعات والحصة السوقية والهيمنة على الزبائن وتعظيم الأرباح والمكانة بمستوى العلامة التجارية في السوق. على أساس أن التهديدات تأتينا من الخارج.
وهذه العقلية تقود العديد من الشركات إلى تجاهل التهديدات القاتلة التي تأتينا من الداخل: كمثال مقاومة الابتكار الثوري الذي قد يغير شكل خريطة السوق وتحقيق النمو المتسارع. فنحن نطلق على هذه المقاومة أو الظاهرة باسم "جهاز المناعة للشركة".
مثل جهاز المناعة في جسم الإنسان تماما، كذلك تمتلك معظم الشركات أجهزة مناعة. وينشأ نظام المناعة في الشركة بشكل طبيعي من طريقة صياغة اللوائح والنظم والإجراءات ثم إنشاء الثقافة العامة للموظفين الذين يعملون بطريقة متابعة المخاطر والتحوط من متقلبات السوق فقط للبقاء في منطقة الأمان والحفاظ على عمل النظام بسلاسة من خلال الوضع الراهن.
وبذلك، يمكن أن يتحول الجهاز المناعي للشركة المتشدد إلى عدم التمييز بين الفرصة المبتكرة أو التهديد والمخاطر. وعندها سيستمر نظام المناعة في الشركة بمهاجمة وتعطيل أي ابتكار جديد قد يؤثر على تطوير نظام سير العمل الإداري أو الفني أو المالي للشركة.
وفي هذه المرحلة يتحول الجهاز المناعي من جهاز يحمي الشركة الى جهاز يعطل التطور في الشركة ويحرمها من الفرص الجديدة التي قد تخترق السوق بقوة تكون لصالح الشركة، كما يفعل جهاز المناعة عند الإنسان، عندما يقوم في مهاجمة الخلايا ويضعفها، وقد يحارب الجهاز المناعي في النهاية جميع الخلايا حتى الصالحة منها.
مصطلح نظام المناعة للشركات
مصطلح نظام المناعة للشركات، أو الاستجابة المناعية للشركات، قد يعتبر عدد من العمليات الإجرائية داخل الشركات لغرض إنجاز الأنشطة بطريقة معينة ومحددة حسب ما هو مذكور في كتيب اللوائح والنظم الإدارية الأمنية للشركة، وهو شكل من أشكال ميول المطابقة أو التحقق المستمر، أو شكل من نشاط التفكير الجماعي لغرض التحقق من تقليل حجم المخاطر على أعمال الشركة.
مصطلح نظام المناعة للشركات يستخدم لوصف "العمليات التي تنظم الابتكار ونشاط ريادة الأعمال داخل الشركة".
غالبًا ما يوجد هذا في الشركات الكبيرة متعددة الأقسام، حيث يظهر على طريقة القتال أو المنافسة بين الأقسام، وغالبًا ما يكون خفيًا أو غير مقصود. ويظهر بشكل أوضح في الشركات متعددة الجنسيات، حيث يمكن أن تتضاعف الاختلافات بين الأقسام من خلال هياكل الشركات المختلفة واللغات وحتى المناطق الجغرافية.
وقد يشير المصطلح إلى أنها عملية تنظيمية تميل إلى إخراج الاختلافات، كما يشير الاسم إلى أوجه التشابه مع أجهزة المناعة البيولوجية في جسم الإنسان الذي يحاول طرد الخلايا الغريبة أو السرطانية، ولكن في بعض الأحيان جهاز المناعة يتفاعل بشكل سلبي ضد الخلايا الدموية الحمراء التي من المفترض أن يحميها.
الأهم من ذلك، بما أن جهاز المناعة في الجسم يتعامل مع الخلايا الموجودة في مجرى الدم، ولديه القدرة في القيام بمهمة القضاء على أو تحييد أي أجسام غريبة تجد طريقها إلى النظام الرئيسي للجسم، التي قد تؤثر على الجسم بطريقة ضارة. وقد يصل الوضع الى درجة رفض زرع عضو جديد في الجسم، فمن الممكن أن يرفض الجهاز المناعي جسمًا غريبًا يعود بالفائدة عليه على المدى الطويل. وعلى نفس المثال والقياس، نعتقد أن معظم المبادرات والابتكارات قد تواجه نظامًا مناعيًا ينظر إليها على أنها أجسام غريبة ومن المحتمل أن تكون ضارة.
فشل جهاز المناعة
داخل أي شركة، من الطبيعي أن يتقدم مدراء المشاريع بمشاريعهم الجديدة وعليهم الحصول على موارد التمويل والموظفين لتنفيذها. قد تكون هذه المشاريع ذات طبيعة تنظيمية، حيث تنفذ نظام مبيعات وجرد جديدًا على سبيل المثال، أو ذات صلة بالمنتج، مثل تصنيع وتسويق لعبة جديدة.
وفي بعض الأوقات، قد نقوم في تقديم العديد من الأفكار الجديدة إلى المدير التنفيذي أو متخذي القرار، وعليه أن يختار من بين هذه الأفكار التي سيتم الترويج لها. وبكل تأكيد يحمل التنفيذ في طياته مخاطر معينة، سواء من خلال الفشل في التخطيط، أو حساب التكلفة للمبادرة، أو بسبب الاحتياجات المتضاربة، أو نقص الموارد. وكذلك في الشركات الكبيرة يقدم العديد من المديرين أفكارًا يجب أن تتنافس على مجموعات أكبر من الموارد، وفقًا لما تقرره الإدارة العليا. عادة ما يكون لدى الشركات إجراءات ومعايير محددة جيدًا لتقييم هذه المقترحات، بحيث تحصل المشروعات الأكثر جدوى وقابلة للتطبيق على الدعم.
وفي ظل هذه الظروف، أكثر ما نخشاه في هذه العملية هو رفض الأفكار الجيدة، وليس الموافقة على الأفكار السيئة. وذلك لأن الشركات الكبيرة عادة ما تكون مخصصة لأسواق معينة، وتكرس قدرًا كبيرًا من مواردها لتحسين العمليات التي تخاطب تلك الأسواق من أجل تحسين الكفاءة والقدرة التنافسية.
تعتبر الأفكار الخاصة بالمنتجات أو الأسواق الجديدة أكثر خطورة بشكل عام، أو على الأقل أكثر صعوبة في التقييم، من الأفكار التي تنطبق على الشركة القائمة، والتي يتم فهمها بشكل أفضل.
أن الشركات تميل إلى التركيز على "الاستغلال" على حساب "الاستكشاف".
من بين المشاكل العديدة التي قد تؤدي إلى رفض فكرة جيدة، نقص الموارد، والافتقار إلى فهم السوق، وعدد من العوامل الخارجية أو الداخلية. قد تكون الاستجابة المناعية للشركات أحد هذه العوامل الداخلية، حيث تظهر على أنها قتال داخلي بين الأقسام و الإدارات، أو ببساطة رفض الأفكار من الإدارات المختلفة المهام التي تطرح وجهات نظر مختلفة بزوايا مختلفة بحيث لا يمكن فهمها. في هذا السياق، يمكن أن يكون أي من "مجموعة القوى التنظيمية التي تقمع تقدم الأنشطة الموجهة نحو الظهور مثل المبادرات".
كانت شركة كمبيوترات أبل مثالًا شائعًا على الاستجابة المناعية، خلال أواخر الثمانينيات والتسعينيات على وجه الخصوص، حين تم الترويج للعديد من الأفكار داخل الشركة، فقط لمواجهة الهجمات الشديدة من قبل مجموعات أخرى داخل الشركة. لم تكن العديد من هذه الهجمات مبنية على مشاكل حقيقية تتعلق بالأفكار، ولكنها كانت في العادة تهديدًا محسوسًا لمبيعات منتجات مطروحة في السوق.
وفي النهاية يجب علينا متابعة ومراقبة جهاز المناعة الخاص بالشركة حتى لا يتحول الى جهاز سرطاني يفتك بالشركة.
Comments