هل التظاهر في أي شيء بالحياة يؤدي اليه؟ والمقصود هنا، عندما تتظاهر بالصحة والفعالية أو حتى السعادة، هل هذا سوف يؤدي الى أن يجعل منك إنسان صحي أو فعال أو حتى سعيد؟ أو حتى أي شيء أخر قد تطمح له. هناك فرق كبير بين العيش بحالة الواعي واللاواعي، ويختلط على أغلب الناس الفرق بينهم. وأغلب الناس قد تختار أو تميل الى ما تراه يحدث في المجتمع حتى ولو كان هذا الأمر فيه مخالفة للسلوك الصحيح.
بالرغم من أن الوعي هو الشعور الصادق والحقيقي، إلا أن حديث النفس الداخلي يجعله يميل الى اتجاه اخر. وينتهي به المطاف الى سلوكيات خارج الإطار الطبيعي الذي يؤدي الى الوصول للهدف المرجو والحقيقي. عندما نمارس سلوكيات واعية غالبا تؤدي الى نتائج حقيقية بمسار ينتهي عند النتائج المطلوبة، لأن الوعي الكامل هو التركيز الحقيقي الذي يجب أن نكون عليه للوصول لغايتنا المرجوة.
والمقصود في اللاوعي هنا أن يكون تركيزنا على رأي واهتمام الأخرين بنا، وأن نجعل حجم الاهتمام كمعيار لنا في النجاح من عدمه. وأما الوعي هو التركيز على الداخل في أنفسنا والاهتمام في تنمية ما نملك من مهارات وسلوكيات تؤدي الى أهدافنا الى النجاح أو حتى الثراء في النهاية. بمعنى الاهتمام فيما هو بداخل وتنميته بدلا من الاهتمام فيما هو بالخارج.
بمعنى أخر، قد تجد الكثير من الناس تسعى لأن تكون على منصات التواصل الاجتماعي بأفضل ماهي عليه، ولكن البعض يظهر المبالغة في هذا الظهور لغرض كسب إعجاب المتابعين والمشاهدين لقناته الخاصة، بعكس بعض رجال الأعمال الناجحين والرواد في مجالهم ليس لديهم الوقت الكافي لرفع قيمة الظهور في منصات التواصل الاجتماعي، إلا أن تجد القنوات الإعلامية تلاحقهم وتنجذب لهم.
حب الظهور قد لا يعيب أحد، ولكن الظهور على القنوات بشكل يخالف الواقع لكسب عدد أكبر من المتابعين والمعجين والقليل من الشهرة، هذه هي الصفة غير المحمودة في عملية الظهور على منصات التواصل الاجتماعي.
الطريق الى الثراء قد يطول وقد يقصر بعض الأحيان، ولكن غالبا يكون على تسلسل ومراحل وخطوات لا تستطيع اختصارها في التظاهر بها. الطريق الى الثراء قد يكون سالكا معك في حال انضباطك وصبرك على المتغيرات والمصاعب التي قد تأتي من الخارج أو قد تكون خارجة عن سيطرتك لها.
تخيل أن تكون نواياك وتعريفك للثراء جميعها عبارة عن كيف تبهر الناس في حجم الثراء عندك، وكمية المال الذي تملكه أو القدر الذي تستمتع فيه بالحياة من خلال الصوة والفيديوهات المنتشرة لك على منصات التواصل الاجتماعي. عندها ستعيش في سباق مع الأخرين من خلال المقارنة فيما يقدمه غيرك، أو في سباق رفع كمية عدد المتابعين والمعجبين. وكذلك الشيء الذي سوف يزداد بشكل تلقائي، هو الخوف والقلق المتواصل من أن تكون أقل من غيرك أو البدء في شعور النقص أمام الغير وعدم الانتماء للطبقة المجتمعية العالية.
إن الكثير من الناس تجهل أن التظاهر بالثراء قد يجذب لك نوعية من الناس ليس بالحسبان وليس في مقدرونا التعامل معهم، كمثال عندما نختلط بمن هم لديهم الملاءة المالية فسوف نعيش بقلق عالي جدا خوفا من أن ننكشف في مرحلة مبكرة ونفقد هذه المكانة التي كنا نطمح لها، أو قد نبدأ في جذب الناس المحتاجين والذين يعتقدون بأنهم سوف يجنون الأموال منا، وكذلك سنشعر بالقلق والخوف لأنه لا نملك المال الكافي لسداد طلبات واحتياجات هؤلاء الناس فننكشف بمرحلة مبكرة.
ثقتنا في أن أنفسنا والإيمان بأن قلة المال ليس عيبا ولا هو الشيء الذي يجب أن نستعر منه، يجعلنا في مكانه جيدة ومتصالحة مع أنفسنا، وهذا التصالح والانسجام يقودنا الى التركيز والوعي الحقيقي في كيفية بدء المسيرة في طريق الثراء ورسم الخطة اللازمة المطلوب وتجهيز الأدوات اللازمة لتجاوز الصعوبات والتحديات خلال رحلة الثراء.
تقليص الفجوة بين الواقع والتوقع يجعلنا في موقف قوي جدا خلال رحلة الثراء الذي نطمح له، وفي بعض الأحيان تتحول هذه الرحلة المصحوبة في كثير من المعاناة، الى قصة نجاح حقيقية تخلق منا أشخاص مؤثرين وأصحاب تجربة ذات دروس مستفادة.
قد يكون مظهرك الخارجي أنيق ومرتب ونظيف وبسيط بقدر كافي بحيث تحوز على احترام الناس لأنك كذلك تريد أن تعطي الناس انطباع عنك بأنك أنسان متوازن محترم لمتطلبات المجتمع والذوق العام، وهذا الشيء جدا جميل وممدوح كسلوك.
وبالرغم من ذلك إلا أن الناس لها أحكام خاصة بها بناء على ما تراه من مظهرك وهذا الشيء قد يكون لا علاقة بك فيه، إلا إذا كان في داخلك بعض النوايا الخاصة في حب الظهور وكسب اعجاب الناس وأرسال رسالة ترمز الى أنك ذو مكانة مجتمعية عالية. وهذا ما يخالف التواضع.
أكثر شيء قد تخشاه في التظاهر بالثراء هو الوقوع بين موقع الرياء والتواضع، وهذا الموضع خطر جدا على الأنسان حيث يكون متقلب يظهر التواضع ويبطن الرياء، فيخسر الكثير من النوايا الطيبة والبركة في الرزق والتشتت والحياد عن طريق الثراء الحقيقي. هنا يبدئ الإنسان في فقدان عنصر الفطرة ويحول الى التصنع بشكل أكبر قد ينتهي به المطاف الى أن يصبح إنسان مختلف جدا ما كان عليه.
ولكن دعونا بحث عن الجانب الإيجابي لو كنا نقلد ولا نتظاهر، أي يعني نقلد حياة الأثرياء بقدر الإمكان في أسلوب التفكير والعقلية والتكتيكات والاستراتيجيات في التعامل مع المال من ناحية التنظيم والتوفير والادخار والاستثمار، لكانت الفائدة عظيمة جدا، حيث أننا سنحصل على دروس مستفادة كثيرة تقلل علينا مخاطر تقلبات الأسواق والاقتصاد المحلي أو حتى العالمي.
قد نكتشف في أن مراحل التعلم والتكيف والتصالح مع المال قد تبدأ في مرحلة التنظيم للمصروفات المالية سواء كانت من خلال استخدام برنامج لبرمجة الميزانية الشخصية الشهرية أو حتى استخدام الأسلوب التقليدي الحسابي، وثم مرحلة فهم أفضل أسلوب للتوفير وتقليص المصروفات من ناحية التركيز على الاحتياجات أكثر من الرغبات، ثم مرحلة الادخار سواء القصير المدى أو الطويل المدى، ومن ثم مرحلة الاستثمار في فائض المالي الذي ادخررنا لنصل الى الاستقلال المالي.
ولكن ما هو هدفك من الثراء؟ ماذا تريد أن تكون؟ ماذا تريد أن تفعل بالمال؟ هناك الكثير من الأسئلة التي تحتاج الى إجابة. وهذه الإجابات هي التي ستحدد نمط مسيرك على طريق الثراء، سواء كان بسلاسة أو بتعثر.
التظاهر بالثراء والوعي الحقيقي: عندما يختار الإنسان العيش بوعي حقيقي، يكون صادقًا مع نفسه ويسعى لتحقيق النجاح. الوعي يدفع الشخص لاتخاذ قرارات صادقة وتطبيق سلوكيات تؤدي إلى النتائج الملموسة.
التظاهر والخسارة: التظاهر بالسعادة أمام الآخرين قد يؤدي إلى خسارة كبيرة. إذا كانت قيمة سعادتك الظاهرية أعلى من قيمتك الحقيقية، فقد تعاني من الاضطراب النفسي.
التأثير الحقيقي: التأثير الحقيقي لا يمكن شراؤه، إنما يأتي من الطاقة الداخلية والنجاح الحقيقي. عندما يكون لديك شيء ناجح من الداخل، يمكن أن تؤثر في الآخرين بطريقة إيجابية.
قلة المال والاعتراف: الاعتراف بالحقيقة يمكن أن يكون مفيدًا. لا يجب أن يكون الثراء هو هدفك الوحيد. قلة المال ليس عيبًا. يمكن أن يكون محفزًا للتطور والنجاح الحقيقي.
التظاهر بالثراء والراحة الداخلية: التظاهر بالثراء قد يجلب بعض النجاحات الخارجية، ولكن لن يجعلك مرتاحًا من الداخل. الراحة الداخلية هي المفتاح لتحقيق الثراء الحقيقي.
في النهاية، الحياة ليست مجرد تظاهر. دعونا نعيش بصدق ونسعى للنجاح الحقيقي.
Comments