top of page

العصف الذهني غير التقليدي في إدارة المشاريع


أين نجد هذا النوع من العصف الذهني غير التقليدي؟ وكيف نستثمر هذا النوع من العصف الذهني من بداية المشروع وحتى تسليم المشروع؟


في عالم صناعة السينما والأفلام والروايات، غالبًا ما نشعر بأنه هذا القطاع مختلف تمامًا عن معظم الصناعات الأخرى فيما يتعلق بإدارة المشاريع، ولكن في الحقيقة يستخدم الكتّاب على وجه الخصوص أسلوب خاص في العصف الذهني لكتابة الرواية، وهو أسلوب مختلف ويبدو متعارض مع ممارسات العصف الذهني التقليدي، وبهذا الأسلوب يتم إنجاز العديد من المشاهد والروايات والمسلسلات الناجحة والتي نالت استحسان النقاد، في حين أن هذه التقنية غير التقليدية قد تبدو فريدة من نوعها في المشاريع الإبداعية، فهل من الممكن بسهولة نقل المبادئ الأساسية لها وتطبيقها في الصناعات والقطاعات الأخرى.


ماهي التقنية غير التقليدية؟

في عالم الكُتاب والروائيين، غالبًا ما يشار إلى المكان الأساسي في موقع العمل ببساطة باسم "غرفة الكُتاب". بينما تشير هذه المصطلحات إلى أن غرفة الكُتاب تعمل كوحدة مفردة، فإن العكس هو الصحيح في الواقع. تستمد غرفة الكتّاب الناجحين القوة الإبداعية من الأصوات الفردية الذهنية التي تناقش الأفكار وتنتقدها أثناء عملها لتحقق هدف مشترك.

عندما تكون هناك مشكلة في أحد العبارات التي قد لا تتناسب مع القصة، ولا يمكن إزالة نقطة الحبكة بالكامل من دون التأثير على القصة أو عمر الرواية، فيجب تغييرها أو تعديلها. كما هو الحال مع العصف الذهني التقليدي، أما هنا يبدأ الكُتاب بطرح الأفكار والاقتراحات على أنفسهم بدلاً من مجرد سرد الأفكار وفقًا لما تمليه التقنية التقليدية.

ويتم بدلاً من ذلك مواجهة كل اقتراح فورًا والنظر فيه ضمن السياق:

كيف تؤثر على القصة ككل؟

وهل تحتاج النقاط الأساسية الأخرى المرتبطة إلى التعديل؟

وكيف سيتأثر تطور الشخصية؟

فتتم مناقشة القضايا والمشكلات ذات الصلة بكل فكرة على الفور في دوامة من الحجج والحجج المضادة، مع النقاط المؤيدة والمعارضة للمساهمة والموازنة، حتى تمضي الفكرة إلى الأمام كخيار محتمل أو يتم تأجيلها.


تشريح وتحليل الأفكار

قد يبدو هذا التشريح الفوري للأفكار بمثابة وصفة كارثية، لأنه يتعارض مع الفلسفة المقبولة تقليديًا بأن جلسات العصف الذهني يجب أن تكون خالية من النزاعات. ويجب أن يكون هناك الفهم المتبادل بأنه لن يتم الطعن في أي فكرة يعني أن جميع المشاركين يمكن أن يشعروا بالراحة في التعبير عن آرائهم، حيث إنه لن يشعر أي شخص بأن فكرتهم أقل شأنا أو غير مناسبة.

أما هذه التقنية أو هذا النهج الخالي من النزاعات قد يبدو رائعًا على الورق فقط، ولكن تشير الأبحاث إلى أنه ليس بنفس فعالية بيئة العصف الذهني حيث يتم تشجيع النقاش والنقد المفتوح. لأن أغلب الدراسات تشير إلى أنه في بيئة العمل الجماعية، يكون الاختلاف هو الوضع المنطقي، لأنه "يعزز التفكير في جميع جوانب القضية".

عندما يواجه شخص أو مجموعة رأي مخالف، يضطرون الى الانخراط بشكل أكثر نقدية في المناقشة وتطوير فهم أفضل للمشكلة وآرائهم، بحيث يمكنهم إما الدفاع عن حجتهم أو إعادة تقييم مزايا فكرتهم.


قبول النقد بمهنية

من المفترض أنه لا يكون أسلوب العصف الذهني الموجه للنقاش مفاجئًا، وهنا تأتي عملية الثقة، والثقة بين أعضاء الفريق تساهم في تفعيل الأعمال على مستويين:

أولاً، الثقة تخلق مساحة آمنة يمكن فيها مشاركة الأفكار الأولية بشكل مفتوح دون خوف من الحكم غير العادل أو السخرية. ثانيًا، وربما الأهم من ذلك، الثقة تخلق بيئة يمكن أن يحدث فيها نقاش ونقد محترم دون الإضرار بديناميكية الفريق ككل.

وعليه، يجب ألا يشعر أعضاء الفريق بالراحة عند مشاركة الأفكار فحسب، بل يجب عليهم أيضًا الاختلاف مع الأفكار، لأنه لا تساعد البيئة التي يتم فيها استخدام الخلافات أو تفسيرها على أنها هجمات شخصية على حل المشكلات بشكل فعال، ويمكن أن يؤدي استخدام العصف الذهني الموجه للنقاش إلى جعل غرفة الكتاب تبدو وكأنها بيئة قاسية، ولكن في الواقع يمكن لهذه الطريقة أن تخلق آلة جيدة التجهيز تقضي على الأفكار غير المناسبة بسرعة دون تعطيل تآزر الفريق.

بالإضافة إلى أن بناء الثقة بين أعضاء الفريق له من الأثار الإيجابية، فإن إحدى الطرق لإنشاء بيئة عصف ذهني مثمرة وموثوقة هي أن يشارك مدير المشروع بنشاط ويقود بالقدوة، فإذا أظهر مدير المشروع استعداده للثقة في الفريق، والانخراط في مناقشة منطقية ومحترمة، وقبول النقد بطريقة مهنية، فمن المرجح أن يتبع المشاركون الآخرون ذلك.


العصف الذهني من بداية المشروع إلى النهاية

عادةً ما يتم استخدام العصف الذهني التقليدي بشكل متكرر أثناء بدء فكرة المشروع أو مرحلة التخطيط، عندما يتم تطوير تفاصيل المشروع بشكل تدريجي ويتم تحديد مسارات العمل. خلال هذه العمليات الأولية، غالبًا ما تكون جهود العصف الذهني أكثر تركيزًا على جمع المعلومات، وبالتالي فإن المناقشة ليست ضرورية دائمًا. ولكن مع تقدم مرحلة التخطيط، فيجب اتخاذ قرارات أكثر تعقيدًا فيما يتعلق بالجدول الزمني، أو الميزانية، أو الاستجابات للمخاطر، أو المكونات الرئيسية الأخرى لخطة إدارة المشروع.


من المهم جدا تحديد كيفية العصف الذهني الموجه للنقاش في وقت مبكر من المشروع.

يمكن أن يؤدي إنشاء إجراء للعصف الذهني في وقت مبكر من المشروع إلى توفير الوقت والطاقة لاحقًا، عندما تحتاج إلى توجيه جهودك نحو حل المشكلات التي يحتمل أن تكون معقدة. سيركز الكثير من هذا الجهد التنظيمي على طرق بسيطة لكنها فعالة لمنح جلسات العصف الذهني الخاصة بك بنية أساسية ستكون بمثابة أساس قوي للمناقشات الإبداعية غير المنظمة اللاحقة.

من الممكن تحديد قائد العصف الذهني بشكل مبكرة، وقد يكون هو مدير المشروع، أو أي عضو يختاره مدير المشروع. ومن المهم ألا يُنظر إلى منصب قائد العصف الذهني على أنه منصب سلطة، بل منصب إشراف. لأنه كثيرا ما يخرج العصف الذهني عن مساره بسبب عدم وجود فهم مشترك للهدف النهائي، بسبب الفشل في الاستمرار بالتركيز على المشكلة التي تتم مناقشتها، وتتحول المشكلة الى تبني فكرة قائد العصف الذهني في نظام دكتاتوري الأسلوب. إنما يجب على قائد العصف الذهني أن يقدم للمجموعة شرحًا واضحًا وموجزًا للمشكلة التي يتم العمل عليها ومراقبة المناقشة، وتوجيهها إلى المسار الصحيح عند الضرورة.


أثناء عمليات التنفيذ والمراقبة والتحكم للمشروع، غالبًا ما يتحول العصف الذهني من نشاط رسمي منظم إلى مناقشات غير رسمية مرتجلة، ويمكن أن يؤدي وجود عملية عصف ذهني ثابتة إلى منع حدوث الانهيار لاحقا. لأنه عندما تظهر مشكلة وتقرر أن جلسة العصف الذهني ضرورية، يمكن للفريق البدء على الفور في تحديد الحلول المحتملة، بدلاً من الانتظار للاتفاق على الإرشادات والأساليب. على الرغم من أنه ليس وضعًا مثاليًا، إلا أن العصف الذهني بأسلوب "التفكير والقرار اللحظي" يكون أحيانًا ضروريًا ولا يمكن تجنبه. على الرغم من أنه يمكن أن يساعدك بشكل أفضل التخطيط المسبق والعمل على عملية العصف الذهني مع فريق العمل.


عادةً ما تتم عمليات الإغلاق والإنجاز في المشروع بسرعة، ولكن لا تزال هناك فرص للاستفادة من العصف الذهني الفعال أثناء هذه المرحلة على وجه الخصوص، بحيث يمكن أن نستفيد من توثيق الدروس المستفادة من التفكير الإبداعي الذي يحدد مجالات التحسين في المستقبل. إن أخذ الوقت الكافي لتحديد جوانب الأداء السلبية والإيجابية للمشروع، بدلاً من مجرد التركيز على السلبية، يوفر إحساسًا بالتوازن أثناء مراجعة المشروع وإغلاقه.


الخلاصة

سيكون للعصف الذهني التقليدي دائمًا مكان في إدارة المشروع، خاصةً كتقنية لجمع المعلومات. ومع ذلك، فيما يتعلق بحل المشكلات، فإن العصف الذهني التقليدي الخالي من النزاعات يمكن أن يمنع الفرق من الفهم الكامل للخيارات والحلول المتاحة. يمكن أن يكون التركيز على العصف الذهني الموجه للنقاش حافزًا لمزيد من الحلول الإبداعية لفرق أكثر كفاءة وفعالية.


مع تمنياتي لكم بالتوفيق

17 views0 comments
bottom of page